سلاح حزب الله- بين تهديد الدولة ومصير لبنان المجهول

المؤلف: حمود أبو طالب08.21.2025
سلاح حزب الله- بين تهديد الدولة ومصير لبنان المجهول

حتى لحظة كتابة هذه السطور من ظهيرة يوم أمس، كنا نرقب بانتباه بالغ انعقاد الجلسة الاستثنائية لمجلس الوزراء اللبناني، والتي وصفها العديد من المحللين السياسيين بأنها جلسة فاصلة وتاريخية. كان الهدف الأساسي من هذه الجلسة هو التباحث حول قضية حساسة وهامة، ألا وهي تسليم أسلحة حزب الله وحصرها بشكل كامل تحت سلطة الدولة اللبنانية. هذه المسألة كانت قد احتلت مكانة بارزة في خطاب القسم للرئيس جوزيف عون، وكذلك في خطاب التكليف لرئيس الوزراء نواف سلام، وحظيت بتأييد واسع النطاق من قبل غالبية الشخصيات السياسية "الوطنية" ومن قبل الشعب اللبناني بأكمله، باستثناء فئة ضئيلة تستفيد بشكل مباشر من بقاء سلاح حزب الله.

في خطوة استباقية للجلسة المرتقبة، قام حزب الله باستعراض للقوة، ووجه تهديدات مبطنة للدولة، مشيراً إلى أن استمرار الدولة مرتبط ببقاء سلاحه. ويتحجج الحزب بأن المشكلة تكمن في الترسانة الإسرائيلية وليس في أسلحته هو، مما يشير بوضوح إلى أنه لا يعتزم التخلي عن سلاحه وتسليمه للدولة. وإذا ما اتخذ مجلس الوزراء قراراً جريئاً وحاسماً بسحب سلاح حزب الله، فإن تنفيذه على أرض الواقع لن يكون مهمة يسيرة، ولكن إصرار الحزب على التمسك بموقفه الرافض سوف يدفع لبنان نحو مصير مروع، فالأمور تبدو جلية وواضحة بالنسبة لإسرائيل، وبدعم كامل من الولايات المتحدة الأمريكية، فإذا لم يبادر حزب الله بتسليم سلاحه، فإنها ستتولى هذه المهمة بنفسها، وربما بأسلوب إسرائيلي قاسٍ وعنيف، كما رأينا سابقاً في غزة.

منذ اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية المأساوية في عام 1975 وحتى يومنا هذا، مر ما يقارب نصف قرن لم ينعم خلاله لبنان إلا بفترة وجيزة من الاستقرار والسلام، والتي انتهت باغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري. إن ممارسات حزب الله وحلفائه داخل الكتل السياسية المختلفة، بالإضافة إلى اعتبار لبنان غنيمة سائغة في جميع الظروف من قبل بعض السياسيين الفاسدين، قد أدت إلى خلق أوضاع مأساوية خانقة للشعب اللبناني ودمرت الوطن تدميراً شاملاً.

في الآونة الأخيرة، حظي لبنان بدعم سخي من الدول العربية والمجتمع الدولي، مما أثمر عن انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة. وقد تعهدت الدول الشقيقة والصديقة بتقديم الدعم اللازم للبنان لإنعاش اقتصاده المتدهور وإعادة الحياة إلى شرايينه المتهالكة، ولكن هذا الدعم مشروط بسيادة منطق الدولة واحتكاره فقط لتسيير شؤون البلاد وتطبيق القوانين والأنظمة، وليس منطق الميليشيات الخارجة عن القانون، والقبضايات، وأباطرة الفساد، وتجار الحروب. هذه الرسائل وصلت بوضوح لا لبس فيه إلى المسؤولين اللبنانيين، ويجب على لبنان أن يبدأ بمساعدة نفسه أولاً حتى يتسنى للآخرين مساعدته، فالوضع الراهن يختلف تماماً عن ذي قبل، فلبنان يقف الآن أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الدولة المستقرة المزدهرة، وإما الميليشيات والانهيار التام.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة